أنا أنتمي الي جيل كان يشاهد قناتين تليفزيونتين فقط ، القناة الاولي والقناة الثانية وكان الارسال في الغالب يتوقف عند منتصف الليل ، وكانت القناة الاولي هي القناة الشعبية والثانية كانت تعرض النشرة بلغة اجنبية ، وكانت الحياة سهلة وجميلة ،فقد كنا ننام مبكرا وكانت لنا هوايات مختلفة بعيدة تماما عن مشاهدة التليفزيون ، تذكرت ذلك عندما قرأت عن نية الكاتب بلال فضل في انشاء قناة جديدة حيث أن القنوات الحالية لا تكفي وكأن ماينقص مصر هي المزيد من القنوات وكأن الاستثمار المطلوب هو الاستثمار في مجال الاعلام ، والله اقولها صادقا أن من اكبر مشكلاتنا هي الاعلام وأن زيادة القنوات وانتشارها وسيطرتها علي فكر الناس هو كارثة كبري ، فما يقال ومايناقش وما يعرض عموما بعيد تماما عما تحتاجه البلاد ويصلح احوال العباد ، وقد اندهشت عندما عرفت أن برنامج يسري فودة يبدأ في الحادية عشر مساءا وينتهي في الواحدة أو الثانية صباحا فهل يعقل في بلد يمر بهذه الظروف ان نشجع الناس علي أن يسهروا طوال الليل ، فمتي يستيقظون اذن ؟ وهل يذهب هؤلاء الي عملهم فعلا ؟ وهل هذه مواعيد مناسبة لاناس يبدأعملهم في السابعة والثامنة صباحا ؟ ، والله حالنا سوف يكون أفضل لو تم ترشيد هذا الانفاق اللعين ، فمن الملاحظ أن ” البيزينس” الوحيد الذي أثري من الثورة هو ” بيزينس” الاعلام، فيمكنك ان تحصي كم قناة زادت وكم صحيفة وكم برنامج وكم صحفي قفز خلف الميكروفون حيث أن العائد مغري ولا يقاوم وكم وكم ، وفي المقابل سوف تستغرق ساعات طويلة وانت تفكر عن الزيادة والاضافة التي حدثت لمجالات حيوية وأساسية في حياتنا وعندها لن تجد جوابا شافيا