المتابع للنقاش الحاصل حاليا حول الدستور سوف يلاحظ أن كل السجالات والمناظرات والتعديلات تدور حول المادة الثانية فقط وكأن الدستور لا يحتوي علي مواد اخري غير هذه المادة ، وكأن الثورة ما قامت الا لندور في فلك هذه المادة ، علما بأن وجودها في الدساتير السابقة لم يقف حائلا ضد مخالفة الكثير من القوانين لاحكام الشريعة ، كما لم يكن وجودها في يوم من الايام سيفا مسلطا علي غير المسلمين ،ويحفظ رجل الشارع المادة الثانية عن ظهر قلب أما اذا سألته عن المادة الثالثة فسوف يجيب مستنكرا : ” وهل الدستور به مواد أخري ؟ ” ، علي العموم ما أريد توضيحه هو أن المواد من الثالثة وحتي الاخيرة علي درجة عالية من الاهمية وتستحق البحث والنقاش و تستحق من اعلامنا المغيب مجهودا مضاعفا ، فالعلاقة بين السلطات الثلاثة في حاجة الي اعادة نظر وحتي لا تطغي أي منها علي اﻻخري ، كما أن سلطات الرئيس المطلقة يجب النظر فيها ،وتحديد علاقة الرئيس بالحكومة المشكلة من الحزب الحاكم أو الاغلبية الفائزة في حاجة الي ضبط ، متي يقيل الرئيس الجكومة – اذا كان من حقه اقالتها – وهل البرلمان من واجبه محاسبة الرئيس أو محاكمته ؟ كما أن نسبة العمال والفلاحين مطلوب مراجعتها ، نحن أمام تحدي سياسي علي درجة كبيرة من الاهمية ، الدستور هو الطريق الاساسي لبناء الجمهورية الثانية ، هو مدخلنا لاعادة تصحيح الكثير من العورات ، وليس فرصة للدفاع أو الهجوم علي المادة الثانية وتحليلها وأعادة تحليلها وكأننا ننتهز أي فرصة لابراز الاستقطاب اللعين بين أفراد المجتمع ، حتي الخلاف علي تشكيل اللجنة المنوط بها التعديل تدور في فلك هذا الاستقطاب ، ألا يمكننا أن نجلس سويا ونناقش مبادئ الدستور الاساسية التي تجكم حركة المجتمع بشكل سياسي ؟ فالعلاقة بين السلطات وحدود مسئوليات الرئيس وصلاحيات الحكومة ، وحقوق وواجبات كل طرف ، كلها قضايا سياسية تستحق منا مجهودا أكبر حتي لا نفاجئ بنفس الدستور القديم مع تغيير طفيف في المادة الثانية .